*في اليوم البحري العالمي…د. معالي حماد( سفير السودان للسلام في اليابان) في كلمته (كدولة تفتخر بأحد أقدم الممرات المائية والموانئ في البحر الاحمر )*
*إلى: جميع إخواني وأخواتي السودانيين، وخاصة القائمين على الشؤون البحرية،*
الموضوع: اليوم البحري العالمي – فرصة أخرى ضائعة للسلام
إخوتي وأخواتي السودانيين الأعزاء،
أتمنى أن تجد كلماتي كل واحد منكم بصحة جيدة ومعنويات عالية، على الرغم من الأوقات العصيبة التي نجد أنفسنا فيها.
أكتب إليكم اليوم بإحساس عميق بخيبة الأمل وبقلب مثقل ونحن نفكر في فرصة ضائعة أخرى للاعتراف بحدث عالمي مهم واحتضانه.
قبل بضعة أيام فقط، شاركت مخاوفي بشأن إهمال أمتنا لليوم العالمي للأنهار، وهو أمر بالغ الأهمية لفتت انتباهكم إليه.
هذه المرة، أتحدث عن إهمال اليوم البحري العالمي، وهو الاحتفال السنوي الذي حددته الأمم المتحدة، والذي كان دائمًا يحتل مكانة ذات أهمية قصوى على المسرح العالمي. ويصادف يوم الخميس الأخير من شهر سبتمبر من كل عام.
لقد أتاح لنا هذا العام، في 28 سبتمبر، فرصة ثمينة للاجتماع معًا كأمة والاحتفال بعلاقتنا العميقة والدائمة بالبحر – وهو الارتباط الذي كان جزءًا لا يتجزأ من تاريخ السودان الغني ونسيجه الثقافي على مدى أجيال. ومع ذلك، أيها الإخوة والأخوات، فإننا، كأمة، فشلنا للأسف في الاعتراف بهذا اليوم المميز.
إن الغرض من اليوم البحري العالمي يتجاوز مجرد الرمزية؛ إنه تذكير بالدور الحاسم الذي تلعبه الصناعة البحرية في التجارة العالمية والاقتصادات والتنمية المستدامة. إنه يذكرنا بأن تراثنا البحري، كدولة تفتخر بأحد أقدم الممرات المائية والموانئ في البحر الأحمر، بما في ذلك بورتسودان وسواكن وبشاير، ليس مجرد جزء من ماضينا، ولكنه جانب حيوي من مستقبلنا. ومن واجبنا أن نعتز بهذه الموارد البحرية ونحميها وتسخيرها لصالح شعبنا والعالم.
علاوة على ذلك، يحمل اليوم البحري العالمي هذا العام أهمية خاصة، حيث يوافق الذكرى الخمسين لاعتماد الاتفاقية الدولية لمنع التلوث الناجم عن السفن (ماربول). وتمثل هذه الاتفاقية شهادة على الالتزام الجماعي للإنسانية بالحفاظ على بيئتنا البحرية الثمينة من التلوث الذي تسببه السفن، سواء كان مقصودًا أو تشغيليًا أو عرضيًا. وهو يدل على مسؤوليتنا المشتركة لحماية محيطات وبحار العالم، التي تعد موطنا لمجموعة متنوعة من الحياة البحرية والنظم البيئية التي تلعب دورا أساسيا في الحفاظ على الحياة على الأرض.
وفي هذا السياق، أقر بأن دوري كسفير للسلام لا يستلزم الخوض في الجوانب الفنية أو القانونية المعقدة للشؤون البحرية. ومع ذلك، فإن ذلك يجبرني على تسليط الضوء على الفرصة الضائعة التي عشناها كأمة. كان ينبغي لنا أن نحتفل بشدة بهذا اليوم الدولي البالغ الأهمية، ليس فقط كبادرة روتينية ولكن كإعادة تأكيد صادقة لالتزامنا بالسلام والوحدة والإدارة المسؤولة لمواردنا الطبيعية.
وكان ينبغي التأكيد على هذا الاحتفال بشكل خاص في ضوء الصراع المستمر والمأساوي العميق الذي لا يزال يمزق أمتنا. كان من الممكن أن توحدنا الفرصة التي أتاحها اليوم البحري العالمي في جهد جماعي لحماية بحارنا وممراتنا المائية وبيئتنا البحرية وموانئنا. هذه ليست مجرد موارد؛ إنهم شريان الحياة للسودان المسالم والحديث والمزدهر الذي نحلم به جميعًا. ومن المؤسف أن هذه الفرصة مرت دون أن يلاحظها أحد ولم يتم الاعتراف بها، مما ترك لنا شعوراً بضياع الإمكانات لتحقيق المصالحة والتقدم.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أناشدكم، من أعماق قلبي، أن تضعوا خلافاتنا جانبًا وتركزوا بثبات على وضع حد لهذا الصراع المدمر. دعونا نجتمع كأمة واحدة لاستعادة السلام والوئام إلى السودان الحبيب. أدرك أن الاحتفال بأيام مثل اليوم البحري العالمي، إذا تم بالروح والنية الصحيحة، يمكن أن يكون بمثابة حافز لجمعنا معًا وتصور مستقبل أكثر إشراقًا وأكثر سلامًا.
إنني أدعو كل واحد منكم باستمرار إلى اغتنام كل فرصة للتوحد، والسعي من أجل السلام، والصلاة بلا انقطاع من أجل رفاهية أمتنا. إن قوتنا الجماعية ومرونتنا وروحنا التي لا تتزعزع يمكن أن تتجاوز التحديات التي تواجهنا. دعونا نعمل معًا من أجل سودان أكثر إشراقًا وسلامًا حيث يمكن لأطفالنا أن ينموا ويزدهروا دون أن يطغى شبح الصراع على حياتهم.
مع خالص الدعوات لوطننا والأمل الصادق بمستقبل أكثر إشراقا،
أخوكم،
د. معالي حماد غبوش
سفير السودان للسلام