يدور جدال واسع هذه الايام حول التسوية السياسية و مارشح حول استنادها على مسودة الدستور الانتقالي التي وضعتها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين .
لقد انهى انقلاب ٢٥اكتوبر ٢٠٢١م الذي قام به المكون العسكري في مجلس السيادة (احد طرفي الشراكة الدستورية في الفترة الانتقالية ) :
– الوضع الدستوري القائم على الوثيقة الدستورية ٢٠١٩م المعدلة في ٢٠٢٠م .
– مؤسسات الحكم الانتقالي التي تم تكوينها بموجب ما جاء اعلاه .
– الشراكة بين المكون المدني وتمثله قوى اعلان الحرية والتغيير والمكون العسكري الذي يمثله الاعضاء العسكريين في مجلس السيادة .
– اتفاق سلام جوبا ٢٠٢٠م ، وذلك بعد الاطاحة باحد مكونات الاتفاق الاساسية (الحكومة الانتقالية ).
انه و لتوضيح اللغط الدائر حول مسودة الدستور الانتقالي لتسييرية نقابة المحامين ، سوف نستعرض هذه المواد للمقارنة بينها وبين الوثيقة السابقة ..
▪️الوثيقة الدستورية ٢٠١٩ ، المادة ٢٤ (١) المجلس التشريعي الانتقالي ..
عضويته ٣٠٠ .. تشمل كل القوى المشاركة في التغيير ..*عدا اعضاء المؤتمر الوطني والقوى السياسية التي كانت مشاركة في النظام البائدحتى سقوطه* .
وفي تعديل ٢٠٢٠ ، تمت اضافة للمادة ٢٤ كالاتي : يمثل اطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان بنسبة ٢٥% والتي تساوي ٧٥ مقعدا من عدد الاعضاء الكلي البالغ ٣٠٠ مقعدا .
اما في مسودة الدستور الانتقالي الذي اعدته تسييرية نقابة المحامين تم تعديل المادة للاتي :
المادة ٣٩(١) ……*و يستثنى اعضاء المؤتمر الوطني المحلول بكل اشكالهم و مسمياتهم و واجهاتهم* .
اذن بدات المشاركة السياسية في ٢٠١٩ بابعاد عضوية المؤتمر الوطني و التنظيمات المشاركة له في الحكومة وانتهت في مسودة المحامين ٢٠٢٢ بابعاد عضوية المؤتمر الوطني فقط ، ولذلك ظهر المؤتمر الشعبي والاتحادي الاصل وانصار السنة في منتدى نقابة المحامين والان هم فعليا جزء من التسوية الجارية .
▪️في مسودة المحامين ٢٠٢٢ تراجعت الشراكة بين العسكر والمدنيين وهي خطوة جيدة *للامام* الا انه حدث تراجع في معاملة فلول النظام البائد وذلل بادخال بعض منهم في العملية السياسية الانتقالية كما وضحنا اعلاه وهو *تراجع* للوراء .
▪️من ايجابيات مسودة ٢٠٢٢ للمحامين ؛ الغاء بند سيادة اتفاق سلام جوبا على الدستور واختفاء مادة اعطاء الحركات ٢٥% من المقاعد في البرلمان وحتى الوظائف الحكومية . و هو تمهيد لمراجعة الاتفاق .
بالرجوع الى ما قبل الانقلاب و مابعده نسجل التحرك النشط لمبادرة اساتذة جامعة الخرطوم والتي نجحت في جمع عدد مقدر من التنظيمات الثورية ، و لقد اخذ باقتراحنا تكوين لجنة مراجعة دستورية تقدم بديلا معافى لوثيقة ٢٠١٩ التي قضى عليها الانقلاب العسكري ، وفي البال التحرك بها لفرض واقع جديد يكرس لانهاء الشراكة مع العسكر وفرض السيطرة المدنية على مجمل المنظومة الامنية ، لكن وكنتاج لبطء حركة المبادرة و تاثرها بمحيطها وفقدانها لسرعة المبادرة ، التقط السياسيون الفرصة و اداروها من خلال تسييرية المحامين والتي انتجت تلكم المسودة للدستور الانتقالي والتي اصبحت الورقة الاساسية للحوار المسهل بواسطة الالية الثلاثية وتحت تحكم وضغط الالية الرباعية . لقد اتضح ان مسودة دستور تسييرية نقابة المحامين وراءها قوى اعلان الحرية والتغيير (المجلس المركزي ) ، وهي من تفاوض العسكر بشكل مباشر او عبر الالية الثلاثية ، والمفاوضات نفسها ليست بالسهولة واليسر لانها تنطوي على محاولة ايجاد علاج لازمات خطيرة مثل جريمة فض الاعتصام ، اذن لابد من توسيع دائرة التحالف لاوسع كتلة مدنية ممكنة و على قيادة المجلس المركزي التواضع لادخال الاخرين لاننا قد دخلنا مرحلة اتخاذ القرارات المصيرية الهامة في حياتنا ، و لابد معها من توسيع دائرة المشاركة لاكبر قدر ممكن من قوى الثورة ، الا من ابى المشاركة ، وهنا اشير يالذات للحزب الشيوعي السوداني والذي وصل لمرحلة افقدته حيويته التاريخية المالوفة عنه في ادارة التحالفات العريضة و امثلتها البارزة في جبهة الهيئات في اكتوبر١٩٦٤ و التجمع الوطني لانقاذ البلاد في ابريل ١٩٨٥ والتجمع الوطني الديمقراطي في ١٩٨٩ و قوى الاجماع الوطني ..
لقد كنت أمل في ان تخرج اجتماعات مركزية الحزب الشيوعي الاخيرة برؤية تعيد الحيوية لهذا الحزب العريق ولكن خاب املي وامل الكثيرين ممن يدركون اهمية وجود هذا الحزب في تحالفات قوى الثورة السودانية و مقدرته على قيادتها نحو الطريق الصحيح ، كما تلاحظون فان الحزب في الاونة الاخيرة تقوم رؤاه على معادلات صفريه وهي من الصعوبة تحقيقها على ارض الواقع وهي اشبه بالمعادلات الرياضية المثالية والتي لاتطبق الا في الخيال .
مثلا يتحدثون عن علاقة مع العسكر تقوم على لا شراكة ولا تفاوض ولا مساومة .. ولكن لاتوجد لديهم اجابة واقعية عن المكان الذي سوف نصرف فيه هذه الالاف من الرتب العسكرية التي تشكل هذا الجيش الجرار المؤدلج وكيف ناتي بالبديل في بلد مترامية الاطراف مفتوحة لكل متسلل اجنبي؟!! ويتحدثون عن رفض التدخل الاجنبي و هم يعلمون انه لولا هذا التدخل والضغط على الجيش لتمت ابشع المجازر في سبيل اعادة تمكين نظام الانقاذ الديكتاتوري البشع . الان اوضاع البلاد والعباد في حالة سيئة للغاية حيث وصلت الاوضاع الاقتصادية الى مرحلة الكساد والذي يعني توقف الاعمال وتبعات ذلك معلومة للجميع ، لذلك يصيب الارهاق الجميع ويبدا المواطنون في بيع املاكهم والهروب الى الخارج ، بنظرية المال تلته ولا كتلته ، الطرق سالكة للخارج و هم ينظرون الى ابناء جلدتهم ممن اغتربوا قبلهم منعمين في معيشتهم ، وبعدها لن تجد من يقف في مليونية او مئوية ، والان نعيش حالة الانحسار .. لذلك لابد من اتخاذ القرارات السليمة في الوقت الصحيح . نفاوض العسكر مع وجودنا في الشارع للحصول على اكبر مكسب منهم قبل ان نصل يوم نندم فيه على اضاعتنا للفرصة التي كانت بين ايدينا .
الظرف التاريخي يتطلب منا اكبر حلف ممكن للكتلة الثورية يضم قوى اعلان الحرية والتغيير والحزب الشيوعي ولجان المقاومة الخ .. حتى نستطيع تحقيق اكبر مكسب ممكن في سبيل بناء الدولة المدنية الديمقراطية .
*محمد امين ابوجديري*
١١/١١/٢٠٢٢ م