حدث بالسودان… الملح المزود باليود .. تحديات تواجه الصناعة والاستخدام
تقرير : إعلام جهاز المغتربين
السودان يتصدر قائمة الدول الأكثر سوءا في تدعيم الملح باليود والتغطية الشاملة لحماية الاطفال والأمهات والموطنين بصفة عامة ، حيث يتذيل السودان قائمة دول الاقليم رغم الإمكانيات الهائلة للإستفادة من خام كلوريد الصوديوم ( الملح ) في تحقيق الأهداف والمرامي المتعلقة بالوقاية والتخلص من اضطرابات عوز اليود، هذه المعلومة كشفت عنها مداولات الورشة العلمية حول ( إقامة مجمعات صناعية مرتكزة على كلوريد الصوديوم ( الملح ) وتعميم إضافة اليود في الملح للصحة العامة ) التي نظمتها الايام الفائتة بمدينة بورتسودان الشبكة الدولية لليود بمبادرة الخبير الدولي في المنظمات الدولية والصحة المجتمعية – عضو مجلس الخبراء والعلماء السودانيين بالخارج – امين الاتصال بالخبراء والكفاءات بسلطنة عمان البروفيسور عز الدين الشريف حسين ، وبالشراكة مع وزارات الصحة ، الصناعة والتجارة ، جهاز المغتربين ، وزارتي الانتاج والموارد والصحة بولايةالبحر الاحمر ، منتجي الملح بالولاية ووكالات الامم المتحدة المتمثلة في برنامج الغذاء العالمي ( WFP ) ، المنظمة الدولة لرعاية الامومة والطفولة ( unicef ) ومنظمة الصحة العالمية ( WHO ) ، إذ عبرت الورشة ايضا بتلك المعلومة عن أسفها لوضع السودان بين الدول التي تعاني من سوء التغذية المتعلق بنقص المغذيات الدقيقة ونقص الفيتامينات والمعادن الأساسية بما في ذلك نقص اليود وعدم تعميم ثقافة تناول الملح المضاف اليه اليود وعزت ذلك ايضا الى ارتقاع معدلات الفقر في السودان ، وانخفاض مستوى التوعية الصحية والتغذوية .
الورشة وقفت على التحديات التي تواجه صناعة كلوريد الصوديوم ، ووضعت رؤية مستقبلة مهمة لانتاجه بطرق حديثة تحقق قيمة مضافة جديدة بالاستفادة من هذا المورد الحيوي الطبيعي الذي تتمتع به ولاية البحر الاحمر بما يؤمن للوطن والمواطن السوداني غذاء صحيا مزودا باليود ، ويؤمنه من خوف وشر الأمراض المترتبه على نقصه .
أهداف ومرامي الورشة : –
هدفت الورشة الى إنشاء مجمعات صناعية متكاملة بولاية البحر الاحمر ترتكز على استخدام خام كلوريد الصوديوم ( الملح ) لتنمية الولاية ، وتوفير غذاء اليود بالتدعيم في الملح ، وتعميم استهلاك الملح المضاف اليه اليود من أجل حماية الأسرة والمجتمع من الاعاقات المختلفة المترتبة على نقص اليود خاصة الاطفال والامهات الحوامل ، هذا فضلا عن تحقيق القيمة الاقتصادية الكبيرة لهذا المنتج المرجوة من تصديره الى الخارج بجانب تحقيق هدف الاقتصاد المبني على المعرفة والتكنولوجيا .
لفت انتباه وتحديات :-
كان انعقاد الورشة بولاية البحر الاحمر الاسبوع المنصرم بمثابة لفت انتباه للحكومتين المركزية ممثلة في مجلس الوزراء ووزارتي الصناعة والتجارة والصحة ، وحكومة ولاية البحر الاحمر ممثلة في، امانة الحكومة برئاسة والي الولاية ، ووزارتي الانتاج والموارد الإقتصادية ( قطاع الصناعة ) ووزارة الصحة بولاية البحر الاحمر ، اولا الى اهمية المشروع وقيمته الاقتصادية والصحية وثانيا الى تذليل عدد من العقبات الفنية التي تعترض سير المشروع على الرغم من انطلاقته خلال الخمس سنوات الماضية ولعل ابرز تلك التحديات تتمثل في فصل العلاقة ما بين المنتجين ووزارة التجارة والصناعة الاتحادية ( الصناعة)، وقطاع الصناعة التابع لوزارة الانتاج والموارد الاقتصادية بولاية البحر الاحمر ووزارة الطاقة والتعدين الاتحادية ( قطاع التعدين وهيئة الابحاث الجيولوجية ) التي تعتبر ان عملية استخراج الملح من مياه البحر تعدينا وليس صناعة ، في الوقت الذي يعتبره المنتجون ووزارة التجارة والصناعة الاتحادية ( الصناعة ) وقطاع الصناعة التابع لوزارة الانتاج والموارد الاقتصادية بولاية البحر الاحمر صناعة وليس تعدينا ، هذا فضلا عن التحديات التي ادت الى انخفاض مؤشرات الانتاج بالولاية التي عزاها المنتجون الى الندرة في الوقود اللازم لتحريك المصانع وهذا الوقد لاينحصر في الجازولين فقط بل يتعداه الى الكهرباء والغاز ، هذا فضلا عن عدم توفر الآليات الكافية لحصاد الملح ، بجانب عدم توفر بيئة العمل الملائمة التي تمكن من تطوير الصناعة حتى الوصول الى الميكنة الكاملة بحلول عام 2022 م ، كما عزا المنتجون ايضا تدني مستويات الانتاج الى الحاجة الى تدريب الكوادر وتوفير معامل الفحص ، الى ذلك سمى المنتجون بعض الملاحات غير الملتزمة بمعايير الجودة وطالبوا بايقافها واعتبروها بحسبهم واحدة من معيقات الانتاج .
الى ذلك عد المنتجون عدم وجود تشريع مركزي وولائي ملزم بانتاج واستهلاك الملح المزود باليود واحدا من اهم التحديات التي تواجه المشروع .
المنتجون ومصنع شافي ووزارة الصناعة : –
كشف المنتجون عن ان مصنع شافي كان واحدا من المصانع التي تنتج الملح المزود باليود بجودة عالية بجانب مصنعي الرشيد والاستجابة غير انه تم ايقافه مؤخرا بواسطة لجنة ازالة التمكين ومكافحة الفساد واسترداد الاموال مطالبين باعادة تشغيل المصنع ومده بالخام لزيادة الانتاج بالولاية ، وهنا كشفت وزارة الصناعة عبر ممثلتها في الورشة الاستاذة هنادي عطا الفضيل ان قضية مصنع شافي والشركة التي يتبع لها وهي شركة ( إطعام ) لم يحدث فيها اي تقدم إذ ان وزارة الصناعة لم تتسلم من لجنة التمكين اي مستندات او اصول تتعلق بتسليم المصنع الى وزراة الصناعة مبينة انه تم تكوين لجنة من قبل الوزير مدني عباس مدني برئاسة الوكيل وتم الاتفاق على تكوين لجنة مشتركة بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية للنظر في عملية اعادة تشغيل المصنع بنفس العمالة مع الاقتراح بأيلولة ادارته لوزارة الصناعة .
محكومية تنفيذ المشروع :-
مشروع اقامة مجمعات تصنيع الملح الميودن بولايةوالبحر الاحمر وتعميم استهلاكه تحكمه اتفاقية تم التوقيع عليها في العام 2015 م بين اربعة عشر شريكا في المشروع منها عشرة مركزية تمثلت في وزارات الصحة ، التجارة والصناعة ، مجموعة جياد الصناعية ، مركز البحوث والاستشارات الصناعية ، اتحاد الغرف الصناعية ، الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بجانب المنظمات الدولية المتمثلة في برنامج الغذاء العالمي ، الصحة العالمية ، اليونسيف والشبكة الدولية لليود ، فيما يقابل هذه الجهات المركزية اربع جهات بولاية البحر الأحمر وقعت على الاتفاقية وهي حكومة ولاية البحر الأحمر ، وزارة الانتاج والموارد الاقتصادية ، وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية واتحاد منتجي الملح ، حيث حددت الاتفاقية التزامات الشركاء في تنفيذ المشروع كلا على حده غير ان حزمة من المتغيرات والمستجدات حالت دون إيفاء الشركاء بالتزاماتهم المكددة في الاتفاقية مما ادى الى تأخر تنفيذ المشروع .
جهود وكالات الامم المتحدة في المشروع : –
يعمل برنامج الغذاء العالمي ال ( WFP) على دعم انتاج الملح المزود باليود في السودان بهدف تقليل سوء التغذية الناتج عن نقص اليود وذلك بتوفير مادة يودات البوتاسيوم المستخدمة في يودنة الملح كمادة خام ، كما للبرنامج مجهودات سابقة إذ قام بتوفير ماكينات يودنة في العام 2007 م وتم توزيعها لعدد من المنتجين الا انها تعرضت للتلف بسبب الاهمال الذي وجدته من قبلهم ، من مجهودات البرنامج ايضا يقوم بتعيين مشرف محوري مسؤول عن التنسيق لمتابعة مشروع يودنة الملح في السودان بالاضافة الى ان برنامج الغذاء العالمي يدعم ايضا رفع القدرات في مجال تدريب الكوادر العاملة في المعامل والمفتشين الصحيين ، بجانب دعمه تنفيذ تسيير اللجان المكونة على المستوى الاتحادي والولائي ، ويدعم توفير معينات العمل للمعامل وبرامج التوعية والإرشاد لاستخدام اليود .
فيما تأتي جهود برنامج الامم المتحدة لرعاية الامومة والطفولة ( unicef ) متمثلة في الترويج لاعتماد تشريع وطني وولائي لمنع انتاج وتخزين وتوزيع وبيع الملح غير الميودن ، ودعم وزارة الصحة الاتحادية لتصميم استراتيجية وأدوات التسويق المجتمعي لرفع الوعي بأهمية استهلاك الملح المضاف اليه اليود ، بجانب دعم وزارة الصحة بولاية البحر الأحمر ووزارة الانتاج والموارد الإقتصادية لتنفيذ نظام رصد وتأكيد الجودة .
الشبكة الدولية لليود ( IGN ) :
تقود المبادرة عبر ممثلها البروفيسور عز الدين الشريف بحرص واهتمام كبيرين وتلعب دورها في المشروع بدعم وزارة الصحة ووزارة الصناعة الاتحاديتين والشركاء في تنفيذ تعميم الملح المضاف اليه اليود ، والمساعدة في اعداد مقترحات لحشد الموارد والخبرات التي تسهم في تعميم مشروع الملح المضاف اليه اليود في السودان ، كما تلعب الشبكة دورها في دعم رفع قدرات منتجي الملح في مجال ممارسات التصنيع الجيد والسحة المهنية ، ودعم وزارة الصحة الاتحادية ووزارة التجارة والصناعة في تطوير نظام وتقييم مشروع الملح المضاف اليه اليود ، بجانب توفي الدعم الفني الكامل للمستثمرين في شراء المعدات الضرورية لانشاء مصانع لانتاج الملح المضاف اليه اليود .
مخرجات الورشة :-
خرجت الورشة بعدة توصيات في خمسة مجالات ففي مجال القوانين والتشريعات اوصت بعدد من التوصيات الا ان ابرزها هو تفعيل قانون ولاية البحر الأحمر لمنع استخدام المبح غير الميودن بجانب العمل على مرجعة قانون وزارة المعادن للعام 2015م الذي يصنف الملح المصنع الغذائي المستخرج من البحر كمعدن ) وبحسب رؤية وزارة الصحة ووزارة الصناعة وولاية البحر الاحمر باعتبار الملح صناعة تحويلية وليس معدن ، هذا فضلا عن عدد كبير من التوصيات في مجالات الانتاج ، الترويج والشراكات ، بناء القدرات ، ومجال المتابعة والتقييم .