في ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة
د عزالدين شريف يهدي هذه القصيدة من كاتبها الشريف زين العابدين الهندي رحمه الله :
كانت هذه القصيدة حبيسة الادراج منذ فترة طويلة حتى ظهورها في الوقت المعلوم، فهي نبوءة صادقة مثل فلق صبح جادت بها قريحة الشريف المبصرة وإن لم تمهله الأيام ليشهد خاتمة فصلها
فهي بمثابة نبوءة اهديها لحكام زماننا ليتعظوا وان يحذروا من احتمالية استبدال تمكين بتمكين و السير على ذات النهج.
وهي في تقديري تصلح خارطة طريق:
*(ايخادعون الله أم أنفسهم يخدعون ؟!)*
ملأوا سماء بلادنا تضليلا
وبأرضها غرسوا لنا تدجيلا.
واستمطروا سحب الضلال
فأنبتت في كل شبر للضلال حقولا.
يتحدثون عن الطهارة والتقى
وهم أبالسة العصور الأولى.
وهم أساتذة الجريمة في الورى
وأخالهم قد علموا قابيلا.
هم قادة الانقاذ أرباب اللحى
جاءوا وقد صحبوا للغراب دليلا.
ركبوا على السرج الوثير واسرعوا
باسم الشريعة يبتغون وصولا.
وثبوا على حكم البلاد تجبرا
فأتى الشقاء لنا يجر زيولا.
وعدوا فما اوفوا بكل عهودهم
والوعد كان لشرعهم ممطولا.
ما انقذوا السودان بل دفعوا
به صوب الهلاك وأقعدوه عليلا.
ما قدموه وإنما هبطوا به
تحت الحضيض وأردفوه نزولا.
وضعوا أصابعهم على آذانهم
واستكبروا واستمرؤا التنكيلا.
ذبحوا السماحة والفضيلة
بيننا والعدل أمسى بينهم مقتولا.
لم نلق بين صفوفهم من عادل
كلا.. ولا بين الشهود عدولا.
إتخذوا المصاحف للمصالح حيلة
حتى يكون ضلالهم مقبولا.
ما أصلوا شرع الإله وإنما
هم ينشدون لحكمهم تأصيلا.
لعبوا على أوتار طيبة أهلنا
فالشعب كان مصدقا وبتولا.
قد خدروه بكل قول زائف
كي يستكين مسالما وجهولا.
ويغط في نوم عميق حالم
ويدور في فلك الظلام طويلا.
قد أفرغوا التعليم من مضمونه
وكسوا عقول الدارسين خمولا.
جعلوا مدارسهم صدى لنعاقهم
يا..ويلهم حسبوا النعيق هديلا.
نشروا اناشيد الخرافة بينهم
اتبعوا النشيد وأهملوا التحصيلا.
قتلوا البراءة في عيون صغارنا
فغدت عيونهم البريئة حولا.
أضحى الوباء يدب في اوصالهم
والشر بين ضلوعهم مشتولا.
فلتدركوا أبنائكم يا..اخوتي
كي لا يكون سويهم مخبولا.
قد أفسدوا أبنائنا وبناتنا
واستعبدوهم يفعا وكهولا.
دفعوا بهم نحو الجنوب غواية
فتجرعوا كأس الردى معسولا.
ختموا على أبصارهم وقلوبهم
حتى..غدا تفكيرهم مشلولا.
نسبوا الى حرب الجنوب خرافة
لو قالها إبليس لبات خجولا.
زعموا بأن الفيل كان يعينهم
والقرد ظل جهاده مبذولا.
فيفجر الألغام قبل وصولهم
حتى يسهل زحفهم تسهيلا.
وتردد الاشجار رجع هتافهم
وتسير خلف صفوفهم تشكيلا.
وتحلق الأطيار فوق رؤسهم
وكذا الغمام يظلهم تظليلا.
هذي شمائلهم وتلك صفاتهم
هل نرتجي من هؤلاء جميلا.
تالله ما خبروا الجهاد وإنما
لبسوا الجهاد أساورا وحجولا.
وفي الساحة الخضراء كان جهادهم
وفي محفل كالظار كان حفيلا.
رقص الكبار مع الصغار تهتكا
نسوا الوقار وعاقروا المرزولا.
حسبوا الجهاد هو النشيد وليتهم
تركوا التغني بالجهاد قليلا.
رفعوا العصاء وهللوا فكأنهم
يستعرضون الجيش والاسطولا.
حذقوا أفانين الرقيص وسيروا
جيش البلاد مطبلا ضليلا.
لمواكب التهريج أمسى شاديا
وغدا يدق طبوله مشغولا.
ومكبرات الصوت تهدر فوقهم
بالترهات ولا تكف قليلا.
فتصك آذان العباد نكاية
لتزيد فوق عذابهم تخذيلا.
جاءوا بشدوا كي يدافع عنهم
وسبدرات كي يدق طبولا.
عجبي لكل مثقف متهالك يسعى
الى حضن الطغاة عجولا !
يقتات من عرق الضمير ويرتمي
فوق الموائد جائعا وأكولا.!
أو يرتدي ثوب الخيانة خائرا
أوخائفا متخاذلا وذليلا.
قد أسرفوا في كذبهم وضلالهم
حسبوا الشهور جميعها أبريلا.
جعلوا من الإعلام إفكا صارخا
يستهدف التزييف والتجهيلا.
فالقطن في التلفاز بان مفرهدا
لكنه في الحقل كان ذبولا.
والقمح يبدوا سامقا متألقا
والفول مال يداعب القندولا.
ظلوا يمنون بأبرك موسم فأتى
الحصاد ولم نجد محصولا !
بدت مصانعنا كأشباح الدجى
وغدت بفضل المفسدين طلولا.
ومصارف التطفيف أضحت موردا
للملتحين وجنة ونخيلا.
لم يشهدالسودان مثل فسادهم
أبدا..ولاا..رأت البلاد مثيلا !.
بالقمع والتجويع أصبح شعبنا
في المحبسين مكبلا مغلولا.
يقتات من صخب النشيد
ويرتوي كذبا وما أروى النشيد عليلا.
طحن الغلاء لحومنا وعظامنا
ومشى على أشلائنا تمثيلا.
أما العناء فقد تطاول مرعبا
واجتاز في كبد السماء سهيلا.
زادوا معانات الجياع وأجزلو
للمترفين مصانع وحقولا.
قد خربوا وجه الحياة وخلفوا
في كل دار جائعا وقتيلا.
هضموا حقوق اليائسين تعسفا
ملئوا بيوت البائسين عويلا.
جعلوا الزكاة غنيمة لكبارهم
ومن الضرائب خنجرا مسلولا.
عبثوا بخيرات البلاد وسخروا
اموالها لفولهم تمويلا.
نشروا كوادرهم لنشر سمومهم
ومنظمات تحذق التطبيلا.
فتحوا البلاد لكل تجار الردى
المارقين شرازما وفلولا.
عاثوا فسادا في البلاد وروعوا
أمن العباد ومارسوا التقتيلا.
لم يسلم الجيران من إرهابهم
وبهم غدا سوداننا معزولا.
يلهون بالبهتان شعبا بائسا
كيما يكون مطاوعا وذلولا.
قالوا البلاء هو إبتلاء من علي
فلتصبروا فالصبر كان جميلا.
ما انزل الله البلاء وإنما
قد جاء تحت ردائهم محمولا.
هم من انزلوه ووطدوا اركانه
حتى.. تمدد في الديار شمولا.
نهبوا مواردنا فصارت مرتعا
لذوي اللحى وذوي الأيادي الطولا.
سرقوا صناديق التكافل جهرة
وبشعبنا كان الإله كفيلا.
جائوا بملهاة التنازل خدعة
لا تنطلي او تستميل عقولا.
فالمخرج الموهوم لم يك حاذقا
وشخوصه لا تحسن التمثيلا.
لجأوا الى التهريج لما أيقنوا
ان الرواية لم تتم فصولا.
زعموا ان الحاكمين تنازلوا
والشعب صار الحاكم المسئولا.
قالوا هو العهد الجديد
فكبروا متفاخرين ومارسوا التهليلا.
أين الجديد ؟! فلا جديد وانما
نسجوا من الثوب القديم بديلا.
ما بدلوا شيئا سوى القابهم
فعقولهم لا تعرف التبديلا.
بقى النظام العسكري بغضه
وغضيضه يستشرف المجهولا.
ظل البشير هو الرئيس ومثله
ظل الزبير معاونا وزميلا.
أضحى البشير الفرد فوق رؤسنا
متربعا فوق الرؤس ثقيلا.
جلب الشقاء والتعاسة لشعبنا
وأذاقه سوء العذاب وبيلا.
حشدوا لبيعته المدائن والقرى
مثل الطيور تراوق المهمولا.
رفعوا الأكف مخادعين وأقسموا
ببراءة لا تقبل التأويلا.
انت الموكل بالمكاره كلها
اما المناشط لا تروم وكيلا.
قد بايعوه للرئاسة مثلما
قد بايعوا من قبله المعزولا.
ثم أتحفوه ببيعتين غواية
كيما يكون لصانعيه عميلا.
ظفروا بآيات المنافق كلها
وزادوا عليها اذرعا وذيولا.
كذبا وغدرا والخيانة منهج
ولركبهم كان الفجور خليلا.
هوس ومسخ وشائن متشعوذ
وحديث إفك جاوز المعقولا.
لا..قسط لهم ولا..شورى لهم
عشقوا الحرام وزيفوا التحليلا.
سيان عندهم إذا ما بسملوا
أوو.. رتلوا القرآن والإنجيلا.
او.. سيروا في كل يوم موكبا
او.. مارسوا التكبير والتهليلا !
لا يبتغون الله في مرضاته
بل ينشدون لحكمهم تأصيلا.
خرجوا على الدين الحنيف واصبحوا
مثل الخوارج بل أضل سبيلا.
وقد فارقوا درب الشريعة بعدما
حللوا الحديث وحرفوا التنزيلا.
تركوا كتاب الله خلف ظهورهم
وتدافعوا يستحدثون بديلا.
تبعوا المظاهر والقشور تعمدا
ونسوا من الدين الحنيف وصولا.
أيخادعون الله في عليائه !
أم.. يخدعون رسوله جبريلا !!
في كل يوم يخرجون ببدعة
والشعب يرقب افكهم مذهولا !!
فرضوا وصايتهم على اسلامنا وكأنهم
جاءوا به عبر الحدود دخيلا !!
نادوا بتعظيم الصلاة كأنها
لم تلق عند المسلمين قبولا !!
فمتى استهنا بالشعيرة اخوتي
حتى نعيد لأمرها تبجيلا ؟ !!
وكأننا كنا مجوس قبلهم
او.. عابدين مع الهنود عجولا !!
لم نعرف الإسلام قبل مجيئهم
كلا.. ولا بعث الإله رسولا ؟!
فالله يحفظ دينه من كيدهم
دوما..وما كان الإله غفولا.
طمسوا ينابيع الحقيقة بيننا
وبغيهم ارض الظلام سدولا.
زعموا بأنهم دعاة حضارة
وهم البناة لصرحها تفعيلا.
أمن الحضارة ان نبيت على الطوى
عطشى ومرضى بكرة واصيلا ؟!
هل دولة الاسلام كانت مرتعا
للمفسدين ومغنما ومقيلا ؟!
قد مزقوا كل ولاية اوصالها
لتكون حكرا للولاة ظليلا.
ما قسمت أبدا لصالح شعبنا
بل..فصلت لذئابهم تفصيلا.
ما قلصوا ظل الإدارة
إنما ..قد افسحوا للطامعين سبيلا.
هي قسمة ضيزى ليصبح نهبها سهلا
ويمس ضلعها مأكولا.
فقيادة الإنقاذ نبت وافد
لا ينتمون الى البلاد فصيلا
اتخذوا الترابي شيخهم وامامهم
وكأنه فاق المشايخ طولا.
وضعوا عليه عباءة فضفاضة
ليعيد مجد المسلمين صقيلا.
فسعوا مسبحين اليه بحمده
وجثوا على اقدامه تقبيلا.
وتشبهوا بالمفلحين فالغموا حجرا
وكان سلاحهم مغلولا.
زعموا بأنهم حماة تراثنا
اتخذوا من المهدي الامام دليلا.
نسبوا مهازلهم الى راياته
وتشبهوا بجهاده تضليلا.
كذبوا فما تبعوا الإمام وإنما
تبعوا..الهوى والبغي والتخييلا.
فإمامنا المهدي كان مجاهدا
في الله حق جهاده واصيلا.
تالله لو بعث الإمام مجددا فينا
لأشرع سيفه مصقولا.
حتى..يبدد جورهم وفجورهم
ويزيلهم كالغابرين افولا.
انسوا تطاولهم على محرابه
يوم استباحوا صرحه المسهولا.
وتدافعوا نحو الضريح سفاهة
ليشوهو تاريخنا الموصولا.
وقفوا كأبرهة على ابوابه
متربصين ويبتغون دخولا.
*سيجيئ يوما يدفعون حسابه*
*رجما كما رجم الإله الفيلا*
ياا..قبة المهدي رمز فخارنا
سنعيد فوق جبينك الاكليلا.
ياا..قبة الاحرار ياا..ام القرى
سنضيء في غسق الدجى القنديلا.
ياا..معشر الانصار اهل التقى سيروا
على نهج الإمام عديلا.
من غيركم نصر الإله مجاهدا
من غيركم ملأ البطاح صهيلا.
لا تستجيبوا للطغاة فإنهم
يسعون بين صفوفكم تعطيلا.
هبوا مع الشعب الجريح جماعة
كي نسترد من الطغاة النيلا.
اين القيادة يا مصابيح الدجى
هبوا لنشعل للنضال فتيلا.
فالشعب ما مل النضال ولا انحنى
وما كان يوما بالعطاء بخيلا.
فامدد يمينك يا اخي متوثبا
حتى نشد الساعد المفتولا.
ولن يسلم السودان من انقاذهم
الا اذاجرت الدماء سيولا.
فغدا نرد الظلم عن ساحاتنا
وغدا نرى وجه الحياة جميلا.